
المغرب يشهد زيادة غير مسبوقة في واردات القمح قد تبلغ 50 مليون قنطار .. وسط تراجع حاد في الإنتاج المحلي.
تواجه المملكة المغربية سنة استثنائية في واردات القمح، حيث بلغت الكميات المستوردة من هذه المادة الحيوية أرقامًا غير مسبوقة، وفقًا لمصادر مهنية مطلعة. فقد استورد المغرب خلال الفترة الممتدة من فاتح يونيو إلى نهاية أكتوبر الماضي ما مجموعه 5.3 ملايين قنطار من القمح، لتصبح روسيا منافسًا قويًا لفرنسا في تصدر قائمة الموردين الرئيسيين لهذه المادة، إذ سجلت فرنسا صادرات بقيمة 5.1 ملايين قنطار في نفس الفترة.
توقعات نهاية العام تشير إلى أن إجمالي واردات المغرب من القمح اللين ستصل إلى 50 مليون قنطار، وهو رقم قياسي لم يسبق تحقيقه. ورغم أن المملكة شهدت في السنوات الماضية زيادة ملحوظة في وارداتها من القمح، إلا أن التراجع الحاد في الإنتاج المحلي هذا العام بنسبة 43% يعكس تحديات كبيرة تواجه القطاع الفلاحي.
وفقًا لمذكرة صادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية، بلغ إجمالي إنتاج الحبوب في المغرب خلال الموسم الحالي 31.2 مليون قنطار، مقارنة بـ55.1 مليون قنطار في الموسم السابق 2022-2023. وتوزع الإنتاج بين القمح الطري الذي سجل 17.5 مليون قنطار، والقمح الصلب بـ7.1 ملايين قنطار، والشعير بـ6.6 ملايين قنطار. هذا الانخفاض الحاد يعزى إلى ظروف مناخية صعبة تميزت بندرة هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة.
في سياق متصل، كانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة قد أصدرت توقعات خلال شهر يونيو تشير إلى أن واردات المغرب من القمح ستصل إلى 7.5 ملايين طن خلال العام الجاري، بزيادة قدرها 19% مقارنة بالعام الماضي. ويأتي ذلك ضمن توقعات بارتفاع إجمالي واردات القمح في إفريقيا بنسبة 2.2%، لتصل إلى مستوى قياسي يبلغ 55.6 مليون طن، حيث يمثل المغرب جزءًا هامًا من هذه الزيادة.
من ناحية أخرى، أدرجت منظمة الأغذية والزراعة المغرب ضمن أكبر عشرة مستوردين للقمح على مستوى العالم، إذ يحتل المركز السادس بعد مصر وإندونيسيا وتركيا والصين والجزائر. وأبرزت المنظمة في تقريرها نصف السنوي أن التغيرات المناخية أثرت سلبًا على إنتاج القمح في شمال إفريقيا، بما في ذلك المغرب، حيث من المتوقع أن ينخفض الإنتاج بنسبة 40% مقارنة بالعام الماضي، ليصل إلى 2.5 مليون طن فقط، وهو ما يمثل أدنى مستوى له منذ سنوات.
وفي تصريحات أدلى بها محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أشار إلى أن محصول الحبوب هذا العام تأثر بشكل كبير باستمرار الجفاف وقلة الأمطار للسنة الثالثة على التوالي. وأوضح الوزير أن الإنتاجية تراجعت بشكل غير مسبوق، إذ انخفضت المساحات المزروعة بالمملكة إلى مستويات لم تشهدها منذ أربعة عقود.
هذا الوضع الصعب يعكس ما وصفه الوزير بـ”ندرة عنيفة وغير مسبوقة للمياه”، وهي معضلة أثرت على جميع سلاسل الإنتاج الفلاحي في المغرب. وأشار إلى أن الموسم الفلاحي الحالي يشابه الموسم الذي سبقه، إذ بلغ إنتاج الحبوب خلال السنة الماضية 33 مليون قنطار، مقارنة بـ55 مليون قنطار في موسم 2021-2022. هذا العام، يُتوقع أن يتراوح الإنتاج بين 30 و33 مليون قنطار، مما يعزز الحاجة الملحة لتطوير سياسات زراعية تتعامل مع تحديات التغير المناخي وتحقيق الأمن الغذائي في المملكة.