دولي

المغرب وإيران: تاريخ طويل من التوترات السياسية والصراع الإقليمي

العلاقات بين المغرب وإيران تحمل تاريخاً طويلاً من التوترات السياسية والإيديولوجية، حيث تعكس هذه العلاقة نموذجاً معقداً من الصراع على النفوذ الإقليمي والديني. منذ انقطاع العلاقات لأول مرة عام 1981، أثار تدخل إيران في الشؤون الداخلية للمغرب مخاوف الرباط بشأن التأثيرات الإيديولوجية والسياسية الإيرانية. تكررت القطيعة في 2009 بعد تصريحات إيرانية مستفزة حول سيادة البحرين، مما عمّق الفجوة بين البلدين. وفي 2018، وصلت العلاقات إلى مرحلة حرجة بعد اتهام المغرب لإيران بتقديم الدعم العسكري لجبهة البوليساريو عبر حزب الله اللبناني، ما عزز المخاوف الأمنية لدى الرباط.

 

ورغم الإشارات الأخيرة من إيران نحو إعادة التقارب، يبقى التساؤل مشروعاً حول صدق هذه المحاولات. طهران التي وصفت القطيعة بأنها “غير مبررة”، تحاول تقديم نفسها كطرف راغب في تحسين العلاقات. غير أن تاريخ إيران في المنطقة يعكس استراتيجية مزدوجة تقوم على توسيع نفوذها الإيديولوجي والسياسي، وهو ما يضع نواياها تحت المجهر. بعد سنوات من العزلة والعقوبات الدولية، تسعى إيران إلى تخفيف الضغط عبر تحسين علاقاتها مع دول جديدة، والمغرب يمثل بوابة استراتيجية نحو المنطقة العربية الغربية.

 

بالنسبة للمغرب، الحذر هو العنوان الأبرز في التعامل مع أي محاولة تقارب. الرباط تدرك أن تحالفاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة والدول الخليجية، لا سيما السعودية والإمارات، تجعل أي تقارب مع إيران خطوة حساسة قد تؤدي إلى توترات مع شركائها التقليديين. كما أن قضية الصحراء المغربية تظل على رأس أولويات السياسة الخارجية المغربية، وهي نقطة لا يمكن المساومة عليها، خاصة مع اتهامات المغرب السابقة لطهران بدعم الانفصاليين.

 

السؤال المحوري الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت إيران قادرة على إثبات صدق نواياها عبر خطوات ملموسة تتجاوز التصريحات. تحسين العلاقات يتطلب من طهران الابتعاد عن التدخل في شؤون الدول واحترام سيادتها. في المقابل، على المغرب أن يظل حذراً، وأن يضع مصالحه الوطنية وأمنه القومي فوق أي اعتبارات أخرى. العلاقات المغربية الإيرانية تظل معقدة ومفتوحة على كل الاحتمالات، ويبقى المستقبل رهيناً بمدى استعداد الطرفين لإظهار الشفافية والالتزام بمبادئ حسن الجوار.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى