أطلقت الصين، الأربعاء، مناورات عسكرية واسعة النطاق في مضيق تايوان، تضمنت تدريبات على استهداف الموانئ والبنية التحتية للطاقة، في خطوة تعكس تصعيدًا جديدًا في التوترات الإقليمية. تأتي هذه المناورات بعد يوم واحد من محاكاة لحصار الجزيرة التي تعتبرها بكين جزءًا من أراضيها، وهي خطوة أثارت إدانة من واشنطن والاتحاد الأوروبي.
الجيش الصيني، تحت اسم العملية “الرعد في المضيق – 2025A”، أعلن أن التدريبات تهدف إلى اختبار قدرات السيطرة على المناطق وفرض الحصار، مشيرًا إلى تنفيذ ضربات بعيدة المدى وتدريبات محاكاة لهجمات على مواقع استراتيجية.
ردت تايبيه بإدانة المناورات، مؤكدة أنها تشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي، في وقت يتزايد فيه الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة. فقد جاءت هذه التدريبات بعد جولة لوزير الدفاع الأمريكي، الذي شدد على التزام واشنطن بردع أي محاولات تهديد لتايوان.
واشنطن، من جانبها، نددت بالتصعيد الصيني، معتبرة أن هذه التحركات العسكرية تزيد من مخاطر زعزعة الأمن الإقليمي وتهدد حركة التجارة العالمية في أحد أهم الممرات البحرية. وأكدت التزامها الغامض بسياسة “الغموض الاستراتيجي” في ما يتعلق بالدفاع عن تايوان، دون توضيح موقفها النهائي في حال وقوع أي هجوم صيني مباشر.
خلال اليومين الماضيين، رصدت وزارة الدفاع التايوانية تحركات عسكرية صينية غير مسبوقة، حيث شوهدت 21 سفينة حربية، بينها حاملة الطائرات “شاندونغ”، إلى جانب 71 طائرة مقاتلة وأربع سفن تابعة لخفر السواحل الصينية. هذه الأرقام تمثل أكبر استعراض للقوة الصينية حول الجزيرة منذ قرابة عام، ما يعكس رغبة بكين في اختبار مدى صلابة الدعم الأمريكي والدولي لتايوان.
تصاعد التوترات يتزامن مع تولي الرئيس التايواني الجديد، لاي تشينغ-تي، منصبه، وهو سياسي يؤيد استقلال الجزيرة بشكل صريح، ما يفاقم حالة العداء بين بكين وتايبيه. الصين، من جهتها، كثفت حملتها الدعائية ضد الإدارة التايوانية الجديدة، ناشرة صورًا لمناوراتها العسكرية تظهر فيها محاكاة لضربات على الجزيرة، كما بثت وسائل إعلامها الرسمية مقاطع فيديو تهدف إلى ترهيب الحكومة التايوانية، ووصفت الرئيس لاي بتعابير مهينة تعكس تصعيدًا في الخطاب السياسي.
التاريخ الطويل للنزاع بين الصين وتايوان يعود إلى العام 1949، حينما لجأ القوميون الصينيون إلى الجزيرة بعد خسارتهم الحرب الأهلية أمام الحزب الشيوعي. ومنذ ذلك الحين، بقيت تايوان قضية حساسة في العلاقات الدولية، حيث ترفض بكين الاعتراف بأي استقلال لها، بينما تحافظ الولايات المتحدة على دعمها العسكري والسياسي، في إطار مواجهة التوسع الصيني في المحيط الهادئ.
التوترات الحالية تأتي في وقت تتزايد فيه المنافسة الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة، ما يجعل مضيق تايوان بؤرة اختبار لميزان القوى العالمي، في ظل تحذيرات دولية من أن أي تصعيد غير محسوب قد يؤدي إلى أزمة غير مسبوقة في المنطقة.