اعلان
اعلان
دولي

إيران تُعلّق التعاون مع الوكالة الذرية وتتهمها بالتجسس لصالح إسرائيل

Heure du journal - خالد وجنا

صوت البرلمان الإيراني، يوم الثلاثاء، على مشروع قانون مثير للجدل يقضي بتعليق التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في خطوة وُصفت بأنها تصعيد غير مسبوق في علاقة طهران بالمجتمع الدولي، على خلفية تصاعد التوترات مع إسرائيل والولايات المتحدة. القانون الذي حاز على تأييد غالبية النواب، يتضمن تجميد عمليات التفتيش، وإزالة الكاميرات المراقِبة التابعة للوكالة من المواقع النووية، والتوقف عن إرسال التقارير الفنية المعتادة، إلى حين ما وصفه المشرعون الإيرانيون بـ”ضمان أمن المنشآت النووية من الهجمات المعادية”.

في الجلسة التي عُقدت بطهران وسط حضور أمني لافت، اتهم رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف الوكالة الدولية بأنها فقدت حيادها وأصبحت أداة في يد القوى الغربية والكيان الإسرائيلي، قائلاً إنّ الوكالة “لم تكتفِ بالصمت تجاه الضربات الجوية على منشآتنا، بل ساندت بشكل غير مباشر الجهة التي نفذتها عبر تسريب معلومات فنية حساسة”. وأضاف قاليباف أن بلاده لن تظل رهينة في يد منظمة “باع مسؤولوها مهنيتهم مقابل صفقات سياسية”. وفي رد غير مباشر على بيانات الوكالة الأخيرة التي عبّرت فيها عن قلقها من تراجع مستوى الشفافية الإيرانية، قال النائب مهدي رضائي، عضو لجنة الأمن القومي، إنّ الوكالة “تجاوزت دورها الفني وتحولت إلى ذراع تجسسي”.

اعلان

في سياق متصل، جاءت هذه التطورات في أعقاب سلسلة من الهجمات التي طالت منشآت نووية إيرانية، والتي لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عنها رسمياً، غير أن أصابع الاتهام في طهران تشير بوضوح إلى إسرائيل وبتنسيق مع واشنطن. وقد أدى هذا إلى حالة من التأهب القصوى داخل المؤسسات العسكرية الإيرانية، ترافق مع خطابات رسمية تحمل نبرة تهديد وانتقام. وفي ظل هذا التصعيد، أدلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتصريحات مثيرة خلال ندوة في لاهاي، ألمح فيها إلى أن الحرب بين إيران والكيان الإسرائيلي “قد تشتعل من جديد وفي وقت قريب”، مضيفاً أن “برنامج إيران النووي تلقى ضربة موجعة، لكنه ليس ميتاً بعد”. وتأتي هذه التصريحات بعد تقارير أمريكية تفيد بأن منشآت نووية إيرانية تضررت بالفعل بفعل ضربات دقيقة، وهو ما لم تؤكده طهران بشكل صريح، لكنها ألمحت إليه في أكثر من خطاب رسمي.

المفارقة أن إيران، التي لطالما نفت نيتها تطوير أسلحة نووية، تجد نفسها اليوم محاصَرة باتهامات متصاعدة من الغرب، في حين تصرّ على أن برنامجها سلمي وتحت المراقبة، قبل أن تتهم الوكالة الدولية نفسها بتسريب أسماء علماء ومواقع دقيقة ساهمت، حسب قولها، في تسهيل عمليات الاستهداف الأخيرة. ويبدو أن طهران تتجه نحو نمط جديد من التحدي، قوامه التخلي التدريجي عن التزاماتها الدولية، مقابل ما تعتبره “حقاً سيادياً” في الرد والردع.

على المستوى الدبلوماسي، تلتزم عدة عواصم أوروبية الصمت الحذر، فيما تعبر موسكو وبكين عن “تفهمهما الكامل للقلق الإيراني” دون أن تقدما دعماً عملياً يُذكر، بينما تجتهد قنوات الوساطة في باريس والقاهرة لمحاولة تهدئة الأجواء ومنع انهيار شامل في ملف الطاقة النووية بالمنطقة. غير أن كل المؤشرات تدفع نحو مزيد من التعقيد، في ظل تهديدات متبادلة، وتراجع حاد في منسوب الثقة بين إيران والمؤسسات الدولية، بما في ذلك الوكالة الأممية المعنية بالطاقة الذرية.

يبقى أن مصادقة مجلس صيانة الدستور على القانون ستفتح الباب أمام دخوله حيز التنفيذ، ما يعني عملياً تجميد كافة أوجه التعاون الرقابي مع الوكالة، وربما نهاية رسمية للاتفاق النووي كما عرفه العالم قبل سنوات. أما على الأرض، فالجميع يترقب ما إذا كانت الضربات ستتوقف، أم أن المنطقة بصدد دخول دوامة جديدة، عنوانها الانفجار المحتمل في أي لحظة، بين مشروع إيراني يزداد عزلة وخصوم يملكون التفوق العسكري والغطاء السياسي.

اعلان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى