في حوار مع صحيفة “إلباييس” الإسبانية، تحدث خوسيه مانويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، عن العلاقات الثنائية بين إسبانيا والمغرب، معبرًا عن تقديره للمغرب كـ “شريك إستراتيجي من الدرجة الأولى” لإسبانيا وللاتحاد الأوروبي ككل. هذه التصريحات تعكس أهمية الدور الذي يلعبه المغرب في العديد من المجالات الهامة بالنسبة لإسبانيا، سواء على الصعيد الأمني أو الاقتصادي. ألباريس شدد على أن جميع دول الاتحاد الأوروبي تعترف بهذا الدور الحيوي للمغرب، ما يعكس التقدير الأوروبي لمساهمة المملكة في تحقيق الاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط وفي شمال إفريقيا.
فيما يتعلق بالتعاون الأمني بين البلدين، أكد ألباريس أن المغرب يعد شريكًا رئيسيًا لإسبانيا في مكافحة الشبكات التي تتاجر بالبشر وكذلك في محاربة الإرهاب. وقال إن المغرب يسهم بشكل كبير في هذا الصدد، وأن التعاون في هذه المجالات قد ساعد على تعزيز الأمن الإقليمي والدولي. كما أشار إلى الأرقام التجارية الثنائية بين البلدين، التي شهدت نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن إسبانيا تعتبر المغرب شريكًا تجاريًا رئيسيًا في المنطقة. ألباريس أضاف أن هذه الأرقام التجارية تعتبر من بين الأعلى بين إسبانيا ودول أخرى، حيث لا تتفوق عليها سوى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. هذا التبادل التجاري يعكس عمق التعاون بين البلدين في مجالات متعددة، بدءًا من التجارة وصولًا إلى الطاقة والبنية التحتية.
علاوة على ذلك، تطرق ألباريس إلى بعض الجوانب الأخرى للعلاقات الإسبانية-المغربية، بما في ذلك إعادة فتح الجمارك التجارية في مليلية المحتلة، بالإضافة إلى فتح الجمارك في سبتة لأول مرة في التاريخ. هذه الخطوة تعد علامة على تطور العلاقة بين البلدين، حيث تساهم هذه الجمارك في تسهيل الحركة التجارية بين المدينتين المحتلتين والمغرب، ما يعود بالنفع على الطرفين. هذه الإجراءات تعكس رغبة إسبانيا في تعزيز التعاون الاقتصادي مع المغرب وتوسيع فرص التبادل التجاري بين البلدين.
فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، أكد ألباريس أن إسبانيا متمسكة بموقفها الثابت، الذي يدعم إيجاد حل مستدام لهذا النزاع المستمر منذ أكثر من خمسين عامًا. وقال إن بلاده تدعم الجهود الدولية الرامية لإيجاد حل بين الأطراف المعنية في النزاع. وأكد أن إسبانيا تدعم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في مهمته، مشيرًا إلى أنه يجب أن يقدم حلولًا عملية تضمن التسوية السلمية لهذا النزاع. وأضاف أن الموقف الإسباني في هذا السياق يظل ثابتًا في دعمه لمقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب، والذي اعتبره الرئيس الإسباني في رسالة إلى الملك محمد السادس عام 2022 الحل الأكثر قابلية للتطبيق والأكثر واقعية.
وأوضح ألباريس أن هذا الموقف الإسباني لم يتغير منذ الإعلان المشترك بين إسبانيا والمغرب، الذي تم توقيعه في عام 2022، حيث أكدت إسبانيا التزامها بحل عادل ودائم لقضية الصحراء. كما أشار إلى أن هذا الموقف يتماشى مع مواقف العديد من دول الاتحاد الأوروبي، التي تساند المبادرات التي تقودها الأمم المتحدة وتدعم مسار الحل السلمي الذي يتوافق مع سيادة المغرب على أراضيه.
وفي الوقت ذاته، أشار ألباريس إلى أهمية تعزيز الشراكة بين إسبانيا والمغرب في مختلف المجالات، مشددًا على أن العلاقة بين البلدين هي شراكة استراتيجية في المقام الأول. فبالإضافة إلى التعاون الأمني والاقتصادي، أكد أن هناك العديد من المجالات الأخرى التي يمكن للبلدين التعاون فيها، مثل التعليم والثقافة والهجرة، وهو ما يتطلب تعزيز الحوار والتفاهم المتبادل. واعتبر أن هذه العلاقة تشكل نموذجًا ناجحًا للتعاون بين دول الشمال والجنوب، بما يساهم في تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة.
ختامًا، ألباريس شدد على أن المغرب يظل أحد الشركاء الرئيسيين لإسبانيا في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وأن البلدين سيواصلان العمل معًا من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. هذه التصريحات تعكس رؤية إيجابية للمستقبل، حيث يتطلع الطرفان إلى تعزيز علاقاتهما في مختلف المجالات، ويأملان في أن يسهم التعاون المستمر بينهما في حل القضايا الإقليمية والدولية بشكل أكثر فعالية.