كارفور تثير غضب المغاربة ببتر خريطة المغرب ووضع علم البوليساريو في منشور بصفحتها
Heure du journal - خالد وجنا
أقدمت شركة “كارفور” الفرنسية، المعروفة بإدارة سلاسل أسواق تجارية كبرى في العالم، على إصدار منشور دعائي في فرعها بدولة قطر، أثار استياءً واسعاً بين المغاربة، بعدما ظهرت فيه خريطة المغرب مبتورة من صحرائها. المنشور لم يتوقف عند هذا البتر، بل تضمن إضافة ما يُسمى بـ”علم البوليساريو”، في خطوة اعتبرها الكثيرون استفزازاً واضحاً للقضية الوطنية للمغرب، وإهانة لمشاعر المغاربة، سواء داخل الوطن أو خارجه. هذا الحادث لم يمر مرور الكرام، إذ شهدت مواقع التواصل الاجتماعي موجة من الغضب العارم، حيث عبر النشطاء عن استنكارهم الشديد لهذا التصرف، وطالبوا بمواقف حازمة تجاه الشركة.
يعد هذا الموقف حساساً للغاية بالنسبة للمغاربة، إذ تعتبر قضية الصحراء المغربية قضية وطنية لا تقبل المساومة أو التجاوز. ما زاد من حدة الغضب هو أن “كارفور” لها وجود تجاري كبير في المغرب، حيث تدير متاجر في مختلف المدن المغربية، ويُعَدّ السوق المغربي أحد الأسواق المهمة للشركة في المنطقة. اعتبر العديد من المعلقين أن مثل هذا السلوك غير المسؤول قد يؤدي إلى أزمة كبيرة بين الشركة وزبائنها المغاربة، خاصة أن الدعوات لمقاطعة “كارفور” بدأت تظهر بالفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب العديد من النشطاء باتخاذ خطوات تصعيدية للتعبير عن رفضهم لهذا الفعل.
وفي الوقت الذي وصف فيه البعض هذا التصرف بأنه استفزاز متعمد، يرى آخرون أنه قد يكون مجرد خطأ تقني أو سوء تقدير من المصمم المسؤول عن إعداد المنشور الدعائي. ورغم ذلك، أكد المغاربة على أن أي خطأ في هذه القضايا الحساسة غير مقبول، خاصة أن الشركة كان ينبغي عليها التأكد من محتوى منشوراتها الدعائية قبل نشرها. وأشار مراقبون إلى أن هذا الحادث يعكس مرة أخرى أهمية وعي الشركات متعددة الجنسيات بالسياقات السياسية والثقافية للدول التي تعمل فيها.
يرى بعض المحللين أن هذه الحادثة قد تكون ناجمة عن ضغوط سياسية أو توجهات خاصة لدى بعض الأطراف داخل الشركة أو شركائها الإقليميين، خصوصاً أن قطر لطالما كانت محور نقاشات بخصوص موقفها من النزاعات الإقليمية. ومع ذلك، أكد آخرون أن الخطأ ربما يكون فردياً ولا يعبر عن موقف الشركة بأكملها، إلا أن هذا لا يعفيها من مسؤولية تقديم توضيحات رسمية واعتذار صريح للمغاربة.
تاريخياً، كانت مثل هذه الأحداث المتعلقة بوحدة المغرب الترابية تثير ردود فعل حادة من طرف المغاربة، سواء عبر حملات إلكترونية أو عبر مقاطعات شعبية واسعة. وتعتبر حملة المقاطعة الاقتصادية من بين أبرز الوسائل التي يلجأ إليها المغاربة للتعبير عن رفضهم للسياسات أو القرارات التي يرونها مسيئة لوطنهم أو لقضاياهم الوطنية. ومن المتوقع أن تتزايد هذه الدعوات إذا لم تقم “كارفور” باتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة الوضع.
وفي ظل هذا السياق، يبقى السؤال مطروحاً حول كيفية تعامل الشركة مع هذه الأزمة، وما إذا كانت ستتمكن من تهدئة الأوضاع وإعادة بناء الثقة مع زبائنها المغاربة. لا شك أن اعتذاراً رسمياً سيكون خطوة ضرورية، لكنه قد لا يكون كافياً في ظل الغضب المتصاعد. كما أن الأمر قد يدفع السلطات المغربية أو الفاعلين الاقتصاديين إلى إعادة تقييم علاقاتهم مع الشركة، لضمان احترام قضايا البلاد المصيرية وعدم تكرار مثل هذه الأخطاء في المستقبل.
بغض النظر عن النوايا أو الملابسات التي أدت إلى نشر هذا المنشور الدعائي، تبقى الحقيقة أن المغاربة ينظرون إلى قضاياهم الوطنية بعين الحساسية واليقظة، ويُجمعون على رفض أي خطوة قد تمس وحدتهم الترابية أو تسيء لصورتهم في العالم. هذا الحادث يمثل رسالة واضحة لكل الشركات الدولية التي تعمل في المغرب أو تتعامل معه، بضرورة احترام سيادة البلاد والتزامها بثوابتها الوطنية، تجنباً لمثل هذه الأزمات التي قد تكلفها الكثير.