
وزارة الداخلية تتحرك لضبط تشغيل العمال العرضيين والحد من الاختلالات بالجماعات الترابية
في خطوة تهدف إلى الحد من الاختلالات في تشغيل العمال العرضيين، كشفت مصادر مطلعة أن وزارة الداخلية المغربية، تحت إشراف الوزير عبد الوافي لفتيت، قد شرعت في اتخاذ إجراءات صارمة للتعامل مع هذه الفئة من العمال على مستوى الجماعات الترابية في المملكة. وقد أصدرت الوزارة توجيهات إلى جميع جهات وعمالات وأقاليم المملكة من أجل إعداد تقارير دقيقة ومحدثة عن أوضاع هؤلاء العمال، في إطار عملية تقييم شاملة.
تأتي هذه الخطوة على خلفية ملاحظات متزايدة من الوزارة حول الاستنزاف المالي الكبير الذي تسببه نفقات تشغيل العمال العرضيين على ميزانيات الجماعات، إلى جانب تسجيل عدة خروقات في إجراءات توظيفهم. حيث تبين أن هناك “فوضى” كبيرة في عمليات التشغيل، تتعارض مع مقتضيات قانون العقود والالتزامات، ما دفع الوزارة إلى تكثيف مراقبتها ومتابعتها لهذا الملف.
ووفقاً للمصادر نفسها، فقد رصدت الإدارة المركزية اختلالات تتعلق بتشغيل عمال عرضيين في إدارات ومرافق جماعية لفترات طويلة، تصل في بعض الأحيان إلى نحو عام كامل، دون احترام مبدأ كسر الاسترسال الزمني بين عقود العمل، مما يعزز استمرارية التشغيل لهؤلاء العمال، ويخلق لهم حقوقاً شبه دائمة لدى الجماعات. كما أصدرت الوزارة توجيهات إلى العمال وحثت رؤساء الجماعات على ضرورة تجديد العقود والالتزامات مع العمال العرضيين بشكل دوري، لضمان عدم تحقق شرط الاستمرارية في علاقة الشغل.
ورغم هذه التوجيهات المتكررة، إلا أن الوزارة لاحظت غياب تجاوب من قبل العديد من الجماعات، مما أدى إلى تجاوزات تعدت النطاق الإداري إلى شبهات استغلال سياسي وانتخابي. فقد تم توظيف بعض العمال العرضيين دون معايير واضحة، حيث وردت تقارير حول توظيفهم من قبل أعضاء في المجالس الجماعية ليشمل أقاربهم ومعارفهم، ما أثار تساؤلات حول النزاهة والشفافية في هذه التعيينات.
وأشارت المصادر أيضاً إلى وجود ممارسات تتمثل في تفويض مهام حساسة للعمال العرضيين، مما قد يهدد السير العادي لعمل المرافق الجماعية. وقد بلغ الأمر ببعض هؤلاء العمال إلى درجة امتلاك أختام رسمية والوصول إلى معلومات وملفات هامة، ما قد يشكل تهديداً لأمن وسرية بعض المعاملات الإدارية. كما لاحظت الوزارة أن هؤلاء العمال يستغلهم بعض المنتخبين في تسهيل إجراءات إدارية لأغراض شخصية، أو للحصول على تراخيص وشهادات ومزايا أخرى، في حين تم تسجيل بعضهم في قوائم الجماعات بشكل صوري للحصول على تعويضات غير قانونية.
وتأتي هذه التدابير من الوزارة في إطار الالتزام بتطبيق مقتضيات المنشور رقم 1 الصادر في 19 يناير 2009، الذي ينظم توظيف الأعوان المؤقتين ويقنن تشغيل العمال العرضيين والمياومين. ورغم أن العمال العرضيين يخضعون لعدد من الأنظمة القديمة مثل المنشور رقم “11-68-وع” الصادر في 28 مارس 1968، إلا أن الفوضى في إدارتهم لا تزال مستمرة، حيث يجري توظيفهم غالباً خارج الأطر القانونية المحددة، ويدفع أجورهم مباشرة الآمرون بالصرف في الجماعات، ويصنف بعضهم كأعوان دائمين رغم توظيفهم لمدد غير محددة.
وفي مراسلة لوزير الداخلية، دعا عبد الوافي لفتيت العمال ورؤساء الجماعات إلى الالتزام الصارم بتطبيق المنشور 2009، وطالبهم بتقديم تقارير محدثة حول أوضاع العمال العرضيين، بما يشمل تقييم حجم التكلفة المالية لهذه الفئة على ميزانيات الجماعات، ومتابعة شبهات استغلالها السياسي والانتخابي. كما أشار الوزير إلى أن بعض الجماعات أصبحت تطالب العمال العرضيين بتجديد عقودهم كل ثلاثة أشهر، وتقديم أرقام حساباتهم البنكية لضمان توصلهم بمستحقاتهم بشكل شفاف ومنظم.
تهدف هذه الإجراءات إلى ضبط وتنظيم هذا القطاع وتحقيق نوع من الانضباط المالي والإداري على مستوى الجماعات الترابية، في محاولة لتجنب أي تجاوزات قانونية أو مالية مستقبلاً، وضمان احترام مبدأ الشفافية والمهنية في تشغيل العمال العرضيين بالمرافق العمومية.



