تستعد وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة بالمغرب لإطلاق برنامج جديد يهدف إلى توفير السكن الإيجاري المتوسط، في خطوة ترمي إلى معالجة الخصاص المتزايد في العرض السكني الميسر لفائدة شريحة واسعة من المواطنين، خاصة الشباب والطبقة المتوسطة. هذه المبادرة، التي تعيد إلى الواجهة مفهوم “السكن الإيجاري الاجتماعي”، سبق طرحها خلال ولاية محمد نبيل بنعبد الله على رأس الوزارة، لكنها لم تعرف آنذاك طريقها للتنفيذ بالشكل المأمول.
وفي هذا السياق، أطلقت الوزارة صفقة دراسية تهدف إلى الاستعانة بمساعدة فنية متخصصة من أجل إعداد التصور العملي والتقني للبرنامج، وضمان انطلاقه على أسس واضحة وقابلة للتنفيذ. يسعى البرنامج إلى توفير وحدات سكنية موجهة للإيجار بأسعار منخفضة مقارنة بما هو معمول به في السوق الحرة، مع التركيز على المدن الكبرى والمناطق الحضرية التي تعرف ضغطا سكانيا وارتفاعا ملحوظا في الطلب على السكن.
غير أن الرؤية المتعلقة بكيفية تنفيذ البرنامج لا تزال غير واضحة، إذ لم يتم الحسم بعد في النموذج الذي سيعتمد، سواء من خلال تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال مع تقديم تسهيلات وتوجيهات محددة، أو عبر تدخل مباشر للدولة من خلال مؤسساتها العمومية لتشييد هذه الوحدات وتدبير عمليات تأجيرها. هذه النقطة تظل أساسية لما لها من تأثير على طريقة تمويل المشروع وضمان استمراريته على المدى الطويل.
البرنامج الجديد يعكس وعيا متزايدا لدى السلطات بأهمية إيجاد حلول سكنية مرنة تستجيب لقدرات فئات واسعة من المواطنين الذين يجدون أنفسهم في مواجهة أسعار سوق الإيجار المرتفعة وغير المنظمة في كثير من الأحيان. كما يُرتقب أن يُساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي من خلال تمكين الأسر من ولوج سكن لائق وآمن بشروط أكثر إنصافا، مما قد يكون له أثر إيجابي على جودة الحياة والحركية الاقتصادية داخل المدن الكبرى. ويبقى نجاح هذه المبادرة مرهونا بسرعة بلورة نموذج تدبيري فعال يضمن التوازن بين الجاذبية الاستثمارية وضمان الحقوق الاجتماعية للفئات المستهدفة.
