
تتزايد مؤشرات القلق في صفوف الشباب المغربي بسبب تفاقم معدلات البطالة، رغم الجهود الحكومية المبذولة خلال السنوات الأخيرة لتشجيع التشغيل الذاتي ودعم المبادرات المقاولاتية. وبحسب تقارير رسمية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، فإن فئة الشباب ما بين 15 و29 سنة ما تزال الأكثر تضرراً، إذ يعاني جزء كبير منهم من صعوبات حقيقية في الولوج إلى سوق الشغل، خصوصاً في المناطق القروية وشبه الحضرية.
ويرجع عدد من المحللين الاقتصاديين تفاقم هذه الظاهرة إلى أسباب بنيوية تتعلق بضعف نجاعة السياسات العمومية في التشغيل، وغياب التنسيق بين منظومة التعليم والتكوين المهني وحاجيات الاقتصاد الوطني. كما أن التحولات التكنولوجية المتسارعة وسياقات ما بعد الجائحة زادت من هشاشة سوق العمل، ما جعل الشباب أمام تحديات مضاعفة، بين محدودية فرص التشغيل وارتفاع كلفة المعيشة.
وفي تصريح خصّ به جريدة Heure du Journal، قال الخبير الاقتصادي محمد أمين سامي:
“إن إشكالية بطالة الشباب، إشكالية بنيوية، وبالتالي فمعالجتها تتطلب تغيير منهجية جديدة ومبتكرة، وبالتالي يجب العمل على تطوير منهجيات جديدة مثلا، منهجية الاستثمار الكوانتي الترابي، أو منهجية LIVE، وبالتالي حلول البطالة تتطلب حلول القرب، تتطلب أيضا دمج الجغرافيا الاقتصادية والجغرافية الطبيعية مع البيانات الإحصائية، تتطلب دمج الذكاء الاصطناعي سواء من خلال PROMPT او التحليل المتقدم للسيناريوهات من خلال ابتكار منهجيات او استراتيجيات خارج الصندوق، وبالتالي اليوم يجب ان نتكلم عن البطالة الجهوية وطرق معالجتها، وعن الحد الأدنى للأجر الجهوي، وعن القطاعات الواعدة والمستقبلية جهويا وربطها ب SRAT والنموذج التنموي الجديد 2035.”
ويشير هذا التصور إلى أهمية الانتقال من السياسات الكلاسيكية في التشغيل إلى مقاربات ترابية قائمة على الذكاء الاقتصادي والتحليل الجهوي، بما يسمح بتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات الواعدة حسب خصوصية كل جهة. كما أن اعتماد الذكاء الاصطناعي والتحليل الكمي للبيانات يمكن أن يساهم في صياغة حلول أكثر واقعية وفعالية.
ويؤكد عدد من الخبراء أن معالجة بطالة الشباب تتطلب إشراك الفاعلين المحليين، وتعزيز التنسيق بين الجامعات والمقاولات، إلى جانب توفير بيئة محفزة للاستثمار الجهوي. كما أن نجاح النموذج التنموي الجديد 2035 يظل رهينًا بمدى قدرة السياسات العمومية على إدماج الطاقات الشابة في الدورة الاقتصادية والإنتاجية للبلاد.



