
المغرب يفرض الضريبة على أرباح صناع المحتوى بدءاً من 2025: تفاصيل وإجراءات جديدة
من المنتظر أن تشرع الحكومة المغربية ابتداءً من العام المقبل في فرض الضريبة على أرباح صناع المحتوى، مثل المؤثرين واليوتوبرز وغيرهم من العاملين في هذا المجال الرقمي. يأتي هذا القرار في سياق مواكبة التطورات الرقمية المتسارعة في القطاع، ويهدف إلى ضبط الأمور المالية لصناع المحتوى بشكل أكثر شمولًا، مما سيتيح مراقبة أكثر فاعلية لهذه الفئة التي أصبحت تمثل جزءًا من الاقتصاد الرقمي.
ويعتبر قطاع الأنشطة التي يمارسها المغاربة عبر الإنترنت جزءًا من قطاع “تصدير الخدمات”، والذي سجل عائدات تقدر بحوالي 3 مليارات درهم بين عامي 2018 و2022. وبما أن هذه الأنشطة تتم في بيئة رقمية معقدة، فإنها تتطلب الامتثال للقوانين المالية الخاصة بالصرف. وتأتي هذه الإجراءات الضريبية الجديدة لتتواكب مع هذا التوسع في الأنشطة الرقمية، ولتعزز القدرة على تنظيم وتحسين النظام المالي في البلاد.
وقد سبق لفوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن صرح بأن الإجراءات الضريبية الجديدة، مثل تحسين الفوترة ومكافحة التهرب الضريبي، قد ساهمت بشكل ملحوظ في زيادة مداخيل الدولة، حيث ارتفعت من 201 مليار درهم في عام 2021 إلى أكثر من 329 مليار درهم متوقعة في عام 2025.
وحسب قانون المالية لعام 2025، سيتم تصنيف مداخيل صناع المحتوى ضمن جدول ضريبي يتراوح بين 0% و38% حسب قيمة الدخل. كما يتوقع فرض الحجز من المصدر بنسبة تصل إلى 30% لبعض الفئات، مثل المكاسب الناتجة عن ألعاب الحظ. وفي هذا السياق، فإن صناع المحتوى الذين يعتبرون أشخاصًا ذاتيين، سيخضعون للضريبة على كافة مداخيلهم، وليس فقط على الأرباح، مما يثير تساؤلات حول كيفية التعامل مع المصاريف المتعلقة بأنشطتهم، مثل تكاليف اقتناء المعدات أو الإعلانات.
ويرى المتخصصون أن تفاصيل هذا القانون قد تحمل بعض التحديات، خصوصًا في ما يتعلق بكيفية تحديد الخصم الضريبي والاعتراف بالمصاريف، التي قد تختلف من صانع محتوى إلى آخر. ولذلك، يُنصح صناع المحتوى بتأسيس حالة ضريبية منظمة، مثل تلك التي يعتمدها “المقاول الذاتي”، أو حتى تأسيس شركات خاصة بهم، لتسهيل عملية إصدار الفواتير وتوضيح أرقام معاملاتهم بشكل أكثر شفافية.
ويهدف القانون الجديد أيضًا إلى توسيع الوعاء الضريبي ومكافحة التهرب الضريبي والغش، من أجل ضمان مبدأ المساواة أمام الضريبة. وقد أظهرت الدراسات التي أجرتها المؤسسات المعنية بالجبايات أن فئة معينة من صناع المحتوى تعمل بشكل منظم في إطار شركات أو كمقاولين ذاتيين، وتصرح بمداخيلها وأرباحها وتخضع للضرائب. في المقابل، هناك العديد من صناع المحتوى الذين يعملون خلف الكواليس ويحققون أرباحًا طائلة دون أي إسهام في خزينة الدولة.
من المتوقع أن يسهم هذا التشديد في الرقابة المالية في تحسين جودة المحتوى الرقمي المعروض، حيث سيساهم في الحد من المحتوى العشوائي الذي يهدف إلى الربح فقط. ويشتكي الكثير من المغاربة من تدني مستوى المحتوى الرقمي الذي يتم تداوله، ويعتبرون أنه في حاجة إلى تحسين شامل. لذا فإن فرض الرقابة المالية والقانونية على هذا القطاع قد يؤدي تدريجيًا إلى رفع جودة المحتوى وابتكار أشكال جديدة من الإنتاج الرقمي الذي يلبي احتياجات الجمهور.
وفي السياق ذاته، فإن التهرب الضريبي قد يؤدي إلى فرض عقوبات قاسية على المخالفين، مما سيحفز صناع المحتوى على الالتزام بالقوانين وتقديم محتوى أفضل. وبذلك، يمكن لهذا القرار أن يكون خطوة نحو تنظيم القطاع الرقمي بشكل يضمن المساواة المالية ويشجع على الإنتاج المسؤول.