الصحة

الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة تطالب بوقف احتجاز المرضى والجثامين بسبب تكاليف العلاج

Heure du journal

أثارت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة جدلاً واسعاً بعد مطالبتها بوقف ما وصفته بالممارسات غير القانونية واللاإنسانية المتمثلة في احتجاز المرضى الأحياء وجثامين المتوفين داخل عدد من المؤسسات الصحية، سواء العمومية أو الخاصة، بسبب عدم أداء تكاليف العلاج. وأكدت الشبكة، في بلاغ رسمي، أن هذه الظاهرة تشهد تزايداً مقلقاً، مستندة إلى حالات موثقة، من بينها احتجاز جثة شخص توفي بمدينة بني ملال، وسيدة أجنبية داخل مصحة بمراكش، إضافة إلى مريض يعاني من اضطرابات نفسية في مصحة أخرى، وجميعها حالات تم فيها تبرير الاحتجاز بعدم تسوية الفواتير رغم انتهاء العلاج أو حدوث الوفاة.

واعتبرت الشبكة أن هذه الممارسات تشكل خرقاً سافراً للمادة الثالثة من القانون الجنائي المغربي التي تجرم الحجز التعسفي، كما أنها تتنافى مع المبادئ الدينية والحقوقية، مبرزة أن المؤسسات الصحية لا تملك أي سند قانوني يسمح لها باحتجاز الأشخاص أو الجثث. وشددت على أن السبيل القانوني الوحيد لاسترجاع المستحقات المالية يتمثل في اللجوء إلى القضاء، لا عبر الاحتجاز أو الضغط على المرضى وذويهم. وأضافت أن منع أي مريض من مغادرة المصحة بعد استكمال العلاج بدعوى عدم أداء الفاتورة يعتبر تصرفاً غير قانوني، ويشكل تجاوزاً لصلاحيات المؤسسة الصحية التي يقتصر دورها، في هذه الحالة، على متابعة المستحقات عبر المساطر القضائية المعمول بها.

وفي ما يتعلق بالجثامين، نبهت الشبكة إلى أن احتجازها بهدف تحصيل الفواتير يمثل انتهاكاً خطيراً للكرامة الإنسانية، مشددة على ضرورة تسليم الجثث لأهالي المتوفين فور استيفاء الإجراءات الإدارية، دون ربط ذلك بأي التزام مالي. كما انتقدت بشدة اعتماد بعض المصحات على شيكات الضمان كشرط مسبق للعلاج، خاصة في الحالات الاستعجالية، معتبرة هذا السلوك إهمالاً طبياً قد يرقى إلى عدم تقديم المساعدة لشخص في خطر، وهو ما يعاقب عليه القانون الجنائي المغربي.

وذهبت الشبكة إلى أن هذه التجاوزات، التي ترصدها في عدد من المصحات الخاصة وأحياناً حتى في بعض المستشفيات العمومية، تعكس غياب تطبيق صارم للقانون وتهاوناً في حماية حقوق المرضى. وأشارت إلى أن عدداً من الدول الأوروبية تصنف احتجاز المرضى لأسباب مالية ضمن الجرائم ضد الإنسانية، نظراً لما تشكله من اعتداء على حقوق الإنسان، كما أنها توفر بدائل تمويلية لتغطية علاج غير القادرين على الدفع. كما لفتت إلى أن بعض الدول العربية بدأت مؤخراً تحديث ترسانتها القانونية لحماية المرضى من هذه الانتهاكات، وهو ما ينبغي أن يشكل حافزاً إضافياً للمغرب من أجل تسريع إصلاح المنظومة القانونية ذات الصلة.

ودعت الشبكة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى التدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات ومساءلة المؤسسات المتورطة، كما طالبت بإحداث لجنة خاصة لمراقبة الوضع وتتبع الحالات بشكل مباشر، إلى جانب تسريع إصدار نصوص قانونية صريحة تجرّم احتجاز المرضى أو جثث المتوفين بسبب الديون. واقترحت إصدار منشور رسمي يجرّم هذا السلوك بشكل قطعي في انتظار صدور قانون واضح في هذا الشأن. كما دعت إلى توسيع نطاق التأمين الإجباري عن المرض ليشمل كافة المواطنين ويغطي مختلف الحالات الطبية، مع تعزيز آليات الدعم للفئات المعوزة. واقترحت كذلك إحداث نظام تأمين خاص موجه للمصحات والمستشفيات، تشرف عليه الدولة عبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لضمان علاج الأشخاص الذين لا يتوفرون على أي تغطية صحية، في إطار تضامني يراعي العدالة الاجتماعية.

واختتمت الشبكة بلاغها بالتحذير من انعكاسات هذه الممارسات على سمعة المنظومة الصحية الوطنية، خاصة في ظل تنامي النشاط السياحي واستعداد المغرب لاحتضان فعاليات دولية، معتبرة أن استغلال هشاشة المرضى في لحظات ضعفهم يمثل خرقاً أخلاقياً وقانونياً يستوجب موقفاً صارماً من السلطات الوصية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى