
البنك الدولي يحذر من تأثير التغير المناخي على السياحة المغربية: توقعات بفقدان 33% من الوظائف بحلول 2035
حذّر البنك الدولي المغاربة من تداعيات خطيرة للتغير المناخي على قطاع السياحة، مبرزًا أن المغرب قد يواجه انخفاضًا كبيرًا في إنفاق السياح بحلول عام 2035. وفقًا للدراسة التي أصدرها البنك الدولي بعنوان “التغير المناخي وتأثيره على الاقتصاد الأزرق بالمغرب”، فإن هذه التغيرات قد تؤدي إلى انخفاض يصل إلى 18% في إنفاق السياح، مما قد يتسبب في فقدان حوالي 33% من الوظائف المرتبطة بقطاع السياحة.
الدراسة تناولت التغيرات المناخية المتوقعة التي ستؤثر بشكل خاص على منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث يُتوقع أن تصبح المنطقة غير ملائمة للسياحة بحلول عام 2030. وقد أظهرت الاستطلاعات أن أكثر من 70% من السياح الذين يقصدون المنطقة حاليًا يفكرون في تغيير وجهاتهم إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع. هذا الأمر قد يكون له تداعيات سلبية على القطاعات المرتبطة بالسياحة مثل المطاعم والفنادق ووسائل النقل، والتي تُعد الأكثر عرضة للخسائر.
التغيرات المناخية ستؤثر أيضًا بشكل ملحوظ على السياحة الداخلية، حيث يُتوقع أن تُفقد حوالي 33% من الوظائف المرتبطة بهذا القطاع، مع تسجيل أعلى نسبة فقدان في خدمات الإقامة والمأكولات. وأشارت الدراسة إلى أهمية تحويل نموذج السياحة في المغرب إلى نماذج أكثر استدامة لمواجهة هذه التحديات. وأكد البنك الدولي في هذا السياق على الدور الحاسم الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في مواجهة تداعيات التغير المناخي، من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية والاستثمار في الطاقة المستدامة للحفاظ على جاذبية المغرب كوجهة سياحية.
في المقابل، وعلى الرغم من هذه التحديات المتوقعة، أظهرت معطيات من وزارة السياحة أن المغرب قد سجل أداءً سياحيًا جيدًا خلال موسم صيف 2024. وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، أوضحت أن شهر يوليوز 2024 شهد توافد 2.6 مليون سائح على المغرب، مما يمثل زيادة بنسبة 20% مقارنة بنفس الشهر من عام 2023. هذه الزيادة تشمل المغاربة المقيمين في الخارج بنسبة 23%، وكذلك السياح الأجانب بنسبة 14%.
وأشارت عمور إلى أن الأداء الجيد خلال هذا الموسم الصيفي يتجلى أيضًا في ارتفاع عدد ليالي المبيت في مختلف الجهات السياحية بالمملكة، حيث سجلت جهة سوس-ماسة زيادة بنسبة 8% في عدد ليالي المبيت و4% في عدد الوافدين إلى مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة. أما جهة الشمال، التي تشمل مدن طنجة وأصيلة والمضيق-الفنيدق، فقد شهدت نموًا بنسبة 12% في عدد ليالي المبيت و11% في عدد الوافدين. مراكش أيضًا، التي تعد وجهة سياحية بارزة، سجلت زيادة بنسبة 6% في عدد ليالي المبيت و8% في عدد الوافدين.
تزايد الإقبال على جهة الداخلة-وادي الذهب كوجهة صاعدة للسياحة الساحلية ورياضات التزحلق كان لافتًا خلال موسم صيف 2024، حيث شهدت المنطقة زيادة بنسبة 32% في عدد الوافدين و5% في عدد ليالي المبيت. ورغم أن جهة الشرق كانت أقل من التوقعات خلال شهر يوليوز، إلا أن الوضع تحسن خلال شهر غشت، حيث سجلت زيادة مشجعة بنسبة 5% في عدد ليالي المبيت و3% في عدد الوافدين مقارنة بشهر غشت 2023.
هذه النتائج تعكس الجاذبية المتزايدة للمغرب كوجهة سياحية، وذلك بفضل السياسات والمبادرات المتخذة في إطار خارطة طريق السياحة. وزيرة السياحة أكدت أن القطاع السياحي ليس مجرد أرقام وإحصائيات، بل هو رافد أساسي للنمو الاقتصادي والتنمية المحلية، حيث يساهم في خلق فرص الشغل وتعزيز النشاط الاقتصادي على المستوى الوطني.
وفيما يتعلق بالآفاق المستقبلية، تبدو التوقعات واعدة بفضل الاستراتيجية الوطنية المحكمة المدعومة بإجراءات ملموسة واستثمارات ضخمة ضمن مشروع قانون المالية لعام 2025. كما أشارت الوزيرة إلى أن الأحداث الدولية الكبرى التي ستستضيفها المملكة ستسهم بدورها في تحفيز قطاع السياحة وجذب المزيد من السياح من مختلف أنحاء العالم.
لكن مع هذا التفاؤل، يبقى التحدي الأكبر متمثلًا في التغير المناخي وتأثيره السلبي على قطاع السياحة. الحلول المقترحة في الدراسة التي أصدرها البنك الدولي تدعو إلى ضرورة تبني سياسات مستدامة في القطاع السياحي للحفاظ على جاذبية المغرب كوجهة مفضلة، وذلك من خلال تقليل الانبعاثات واستثمار الطاقة المتجددة.