
إلزام المغاربة بضريبة جديدة على الأموال المودعة في الأبناك يثير جدلًا واسعًا
في خطوة أثارت موجة من الجدل والاستياء في الأوساط القانونية والاقتصادية، أصدرت المديرية العامة للضرائب في المغرب بلاغًا يُلزم الأشخاص الذين لم يصرحوا سابقًا بدخولهم أو ممتلكاتهم، بتسوية أوضاعهم عبر أداء ضريبة بنسبة 5% من قيمة الأموال أو الممتلكات غير المصرح بها. هذا الإجراء، الذي يهدف حسب المديرية إلى تعزيز الشفافية الضريبية وتحسين موارد الدولة، لقي انتقادات حادة، خاصة بسبب الاختلاف الواضح بين نص البلاغ الصادر باللغة العربية ونظيره باللغة الفرنسية. ففي حين تحدث النص العربي عن جميع الأموال المودعة في الأبناك، حصر النص الفرنسي هذه الأموال في تلك المودعة نقدًا فقط، ما فتح باب التأويلات المتباينة وأثار ارتباكًا بين المواطنين.
الجدل الدائر حول هذه الخطوة يتجاوز مجرد الاختلاف اللغوي ليصل إلى جوهر الإجراء نفسه، الذي اعتبره البعض استهدافًا غير عادل للطبقة المتوسطة والفئات المحدودة الدخل. فالكثير من المغاربة يعتمدون على حساباتهم البنكية كوسيلة لحفظ مدخراتهم البسيطة، في وقت يعانون فيه من ضغط الضرائب المتعددة وارتفاع تكاليف المعيشة. وأشار منتقدون إلى أن الدولة تفرض ضرائب متعددة بالفعل على الأجور والمعاملات اليومية، ما يجعل هذه الضريبة الجديدة عبئًا إضافيًا لا يمكن تحمله.
تعليقات المواطنين على البلاغ عكست حالة من الغضب والسخرية، حيث دعا البعض إلى سحب أموالهم من الأبناك وحفظها في المنازل لتجنب الاقتطاعات الضريبية المحتملة. آخرون عبروا عن استيائهم من التركيز على “الدراويش”، في حين أن الثروات الكبرى والممتلكات الخارجية لا تزال بمنأى عن أي محاسبة فعلية. واعتبر آخرون أن هذه السياسة ستؤدي إلى زعزعة ثقة المواطنين في النظام البنكي، مما قد يُفاقم من أزمة السيولة التي تعاني منها الأبناك أصلًا.
من جهة أخرى، دافع بعض المؤيدين عن الإجراء باعتباره وسيلة لضمان عدالة ضريبية أكبر ومكافحة التهرب الضريبي، مشيرين إلى أن الأموال غير المصرح بها غالبًا ما تكون ناتجة عن أنشطة اقتصادية غير قانونية أو ممارسات تهدف إلى تجنب الضرائب. هؤلاء رأوا أن هذه الضريبة تمثل خطوة ضرورية لتوسيع القاعدة الضريبية وتعزيز الموارد المالية للدولة، خاصة في ظل المشاريع الكبرى التي يتم تنفيذها في المغرب.
ومع ذلك، فإن التساؤلات المتعلقة بآلية تطبيق الإجراء ومدى تأثيره على الفئات المستهدفة ظلت قائمة. كيف سيتم تحديد الأموال غير المصرح بها؟ وهل ستشمل الضريبة جميع المودعين أم ستقتصر على حالات محددة؟ وما هي الضمانات التي ستُقدم للمواطنين لضمان شفافية التطبيق وعدالته؟
يبدو أن الحكومة تواجه تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين ضرورة تعزيز الموارد المالية للدولة والحفاظ على ثقة المواطنين في النظام الضريبي والبنكي. وإذا لم يتم توضيح الالتباسات المحيطة بالإجراء وتقديم ضمانات كافية لحماية الفئات الهشة، فإن هذه الخطوة قد تُسهم في تفاقم الفجوة بين الدولة والمواطنين وتُضعف الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.